في كل موسم سباقات هناك ذلك السائق المميز الذي يتمتع بحس المهارة للقيادة في السباقات، ويملك قدرة جسدية طبيعية تخوله أن يكون متفوقاُ على الآخرين. في معظم الأعوام يعطي هؤلاء السائقون كامل طاقتهم في أي وقت يدخلون فيه الى سيارة سباق، فيسيطرون على الموسم بسيارتهم الجيدة، ويحققون الإنتصارات غير المتوقعة في سيارة متواضعة، ويقومون أحيانا بأداء عالقاً بذاكرة عشاق السباقات لعقود عديدة.
ايرتون سينا:
عدد السباقات(التي بدأها):161
الانتصارات:41
عدد الانطلاقات من المركز الأول:65
عدد المرات التي حقق فيها أسرع لفة:19
من أعظم السائقين في كل الأزمن، حيث أن أحداً لم يتفوق عليه أو يستطيع أن يخلق اختلافاُ في الآراء أكثر من البرازيلي ايرتون سينا.
كانت سيطرة سينا على عالم الفورمولا واحد واضحة جداُ. فقد أحرز بطولة العالم ثلاث مرات أعوام 1991,1990,1988 وفاز بـ41 سباقاً مما جعله متفوق على جميع السائقين ما عدا آلان بروست و مايكل شوماخر. إنه يحتل المركز الثاني خلف بروست في عدد النقاط التي أحرزها في مسيرته وعدد المرات التي وصل فيها الى التتويج. وقد إنطلق من المركز الأول 65 مرة (13 من 16 خلال عامي 1988 و 1989) مضاعفاً رصيد بروست وكلارك. وكبقية السائقين أضاف سينا عمله العقلي الى قدراته في القيادة وإستطاع بذلك أن يتفوق على منافسيه و لو بفارق عشر من الثانية، فإن ذلك كافياً للفوز. إن الكل يتذكر قيادته الجريئة و خاصة إنتصاره المثير في دونينغتون وسط أمطار غزيرة عام 1993 حيث تفوق على سيارة الويليامز العالية التقنية الممثلة ببروست و دامون هيل، كما إستطاع في ذلك العام أن ينتزع أربعة إنتصارات من سيارة مكلارن التي كانت مذهلة حينها .وبعد الحادث المريع الذي أودى بحياته في إيمولا عام 1994، قال بطل العالم ثلاث مرات نيكي لاودا بأن "سينا هو أعظم سائق على الإطلاق
وعلى الرغم من أن هذا التصريح كان نتيجة الإنفعال بعد الحادثة المريعة, فإن سينا- مع نوفولاري- يعتبر من أكثر السائقين الذين كرسوا حياتهم لهذه الرياضة، فلم تكن لديه حياة بكل ما للكلمة من معنى خارج عائلته والسباقات.
عاش سينا للفورمولا واحد، وصل الى القمة فيها، وأحدث تغييراً فيها حتى لو لم يكن للأفضل. أدخل تكتيكات كانت غريبة على الرياضة لأنها كانت مضرة و خطرة لها. فقد أخرج سائقين من الحلبة مثلما فعل مع بروست في بداية غران بري اليابان عام 1990 ليضمن البطولة لنفسه. كان هنالك الكثير من السائقين الذين شكلوا خطراً علىأنفسهم قبل سينا، وفي بعض الأحيان دفعوا حياتهم ثمناُ لذلك، ولكن ربما كان سينا أول سائق يشكل خطراً على منافسيه.
وقيل أن سينا قد اكتسب هذا الأسلوب في القيادة نتيجة-ولو بشكل جزئي-للتكنولوجيا المتطورة التي جعلت سيارات الفورمولا واحد قوية جداُ وآمنة جداُ الى درجة أن خطر الموت قد أزيل من الرياضة. وقد قال أحد الصحافيين البريطانيين في مقالة تلت حادثة وفاته بأن "لا أحد يستطيع أن ينكر أن سينا قد أدخل أكثر من غيره تكتيكات خطيرة و سيئة الى عالم الفورمولا واحد، ولكنه كان في العديد من المرات ينجو بفعلته بفضل الإطارات ذات المطاط العريض وهيكل السيارة البالغ المتانة."
و للتأكد من ذلك، عاش السائقون حوادث كان يمكن أن تكون مميتة في السابق منها: إصطدام ريكاردو باتيريزي في فريق ويليامز بمؤخرة سيارة غيرهارد بيرغر مما أدى الى إرتفاع مقدمتها في الهواء ووقوع مارتين دونيللي على الحلبة وسط حطام سيارته اللوتس في إسبانيا عام 1990 ونجاة برغر بعد تعرضه لحروق بسيطة إثر إصطدامه بالحائط عام 1989 في ذات المكان الذي توفي فيه سينا لاحقا عام 1994 . ولم يسبق لأي سائق-منذ أن توفى سينا و النمساوي رولاند راتزنبرغر في إيمولا- أن توفى في سباق غران بري منذ إثني عشر عاماُ عندما تعرض ريكاردو باليتتي لحادث مميت في غران بري كندا عام 1982 (ايليو دي أنجيليس توفي خلال التجارب في فرنسا عام 1986).
لقد شوهد حادث وفاة سينا على الهواء مباشرة في معظم دول العالم مما جعل تأثيره كبيراً في نفوس المشاهدين أكثر من الحوادث الأخرى التي تعرض لها السائقون الذين سبقوه. ومن الضجة التي تلت الحادث كان يمكن للمرء أن يخال أن الحوادث نادرة في عالم سباقات السيارات، ولكن على العكس فإن هناك سائقاً واحداً على الأقل تعرض للموت خلال بين عامي 1950 و 1982
إن سائقي اليوم يشاركون فقط في السباقات الرسمية لبطولة العالم، بينما شارك زملاؤهم في الخمسينات و الستينات في سباقاتٍ غير رسمية، وفي سباقات الفورمولا 2 ، وعبر الجبال وخاضوا التحديات ...وحتى الراليات. وقد تعرض الكثير منهم لحوادث مميتة، فرياضة السيارات خطرة ويبدو أن سينا قد نسي أو تجاهل هذه الحقيقة.
ولم يسبق لأي من السائقين الذين شاركوا في غران بري ايمولا عام 1994 أن شاهد حادث وفاة لأحد من زملائه في سباق من قبل، فسينا وبرغر السائقان الأكبر من بين المجموعة بدآ مسيرتهما الإحترافية بعد عامين من وفاة باليتي حيث صعق الكثير من السائقين خلال التجارب و كان سينا من بينهم. فهل كان من الممكن أن يعدل من أسلوب قيادته ليس بأن يكون أبطأ فهذا ليس من طبع سينا بل بأن يكون أكثر حذراُ.